اليوم السابع عشر من شهر طوبة المبارك أحسن الله إنقضاؤه ...
وأعاده علينا وعليكم ونحن في هدوء وإطمئنان ...
مغفوري الخطايا والآثام من قِبًل مراحم الرب يا آبائي وإخوتي آمين ...
السبت 25 من يناير 2014 م - 17 من طوبة 1730 ش
نياحة القديس دوماديوس أخى مكسيموس (17 طوبة)
في هذا اليوم تذكار القديسين الجليلين مكسيموس وأخيه دوماديوس. وكان أبوهما "الندينيانوس" ملك الروم رجلا خائف الله قويم المعتقد، فرزقه هذين القديسين. وكانا منذ صغرهما مثل الملائكة قي الطهر والقداسة، ملازمين الصلاة ومطالعة الكتب المقدسة. ولما تحقق لهما زوال هذا العالم وكل مجده، قررا تركه وعزما علي العيشة الرهبانية. فطلبا من أبيهما ان يسمح لهما بالذهاب إلى مدينة نيقية، ليصليا في مكان اجتماع المجمع المقدس المسكوني الاول، الذي انعقد سنة 325 م،
ففرح أبوهما وأرسل معهما حاشية من الجند والخدم كعادة أولاد الملوك. ولما وصلا أمرا الجند ان يرجعوا إلى أبيهما ويقولوا له انهما يريدان ان يمكثا هناك أياما. ثم كشفا أفكارهما لأحد الرهبان القديسين من انهما يريدان لباس الإسكيم المقدس. فلم يوافقهما علي ذلك خوفا من أبيهما، وأشار عليهما ان يذهبا إلى شيخ وظلا عنده حتى تنيح. وكان قبل نياحته قد البسهما شكل الرهبنة، وعرفهما بأنه رأي في رؤيا الليل القديس مقاريوس وهو يقول له أوص ولديك ان يأتيا إلى بعد نياحتك ويصيرا لي بنينا. ثم قال لهما: أنني كنت اشتهي ان انظر هذا القديس بالجسد، ولكنني قد رايته بالروح. فبعد نياحتي امضيا إليه بسلام.
وقد انعم الله عليهما بموهبة شفاء المرضي، وشاع ذكرهما في تلك البلاد وخصوصا بين التجار والمسافرين، وتعلما صناعة شراع (قلوع) السفن. فكانا يقتاتان بثمن ما يبيعان منها ويتصدقان علي الفقراء والمساكين بما يفضل عنهما. وذات يوم رأي أحد حجاب أبيهما شراع إحدى السفن مكتوبا عليه " مكسيموس ودوماديوس "، فاستفسر من صاحب السفينة فقال له: هذا اسم أخوين راهبين، كتبته علي سفينتي تبركا، لكي ينجح الله تجارتي. ثم أوضح له أوصافهما بقوله، ان أحدهما قد تكاملت لحيته والأخر لم يلتح بعد، فعرفهما الحاجب واخذ الرجل وأحضره أمام الملك. ولما تحقق منه الأمر أرسل إليهما والدتهما والأميرة أختهما. فلما تقابلتا بالقديسين وعرفتاهما بكتا كثيرا. ورغبت أمهما ان يعودا معها فلم يقبلا، وطيبا قلب والدتهما وأختهما. وبعد ذلك بقليل تنيح بطريرك رومية، فتذكروا القديس مكسيموس ليقيموه بدلا عنه. ففرح والده بذلك.
ولما وصل هذا الخبر إلى القديس مكسيموس وأخيه، تذكرا وصية أبيهما الأنبا أغابيوس، فغير الاثنان شكلهما، وقصدا طريق البحر الأبيض. وكانا إذا عطشا يبدل الله لهما الماء المالح بماء عذب، وتعبا كثيرا من السير حتى أدمت أرجلهما، فناما علي الجبل وقد أعياهما التعب، فأرسل الله لهما قوة حملتهما إلى برية الاسقيط، حيث القديس مقاريوس، وعرفاه انهما يريدان السكني عنده. ولما أراهما من ذوي التنعم، ظن انهما لا يستطيعان الإقامة في البرية لشظف العيشة فيها. فأجاباه قائلين: ان كنا لا نقدر يا أبانا فأننا نعود إلى حيث جئنا. فعلمهما ضفر الخوص ثم عاونهما في بناء مغارة لهما. وعرفهما بمن يبيع لهما عمل أيديهما ويأتيهما بالخبز. فأقاما علي هذه الحال ثلاث سنوات، لم يجتمعا بأحد، وكانا يدخلان الكنيسة لتناول الأسرار الإلهية وهما صامتين،
فتعجب القديس مقاريوس لانقطاعهما عنه كل هذه المدة، وصلي طالبا من الله ان يكشف له أمرهما وجاء إلى مغارتهما حيث بات تلك الليلة. فلما استيقظ في نصف الليل كعادته للصلاة، رأي القديسين قائمين يصليان، وشعاع من النور صاعدا من أفواهها إلى السماء، والشياطين حولهما مثل الذباب، وملاك الرب يطردهم عنهما بسيف من نار. فلما كان الغد البسهما الإسكيم المقدس وانصرف قائلا: صليا عني فضربا له مطانية وهما صامتين. ولما اكملا سعيهما وأراد الرب ان ينقلهما من أحزان هذا العالم الزائل. مرض القديس مكسيموس فأرسل إلى القديس مقاريوس يرجوه الحضور.
فلما أتي إليه وجده محموما فعزاه وطيب قلبه. وتطلع القديس مقاريوس وإذا جماعة من الأنبياء والقديسين ويوحنا المعمدان وقسطنطين الملك جميعهم قائمين حول القديس إلى ان اسلم روحه الطاهرة بمجد وكرامة. فبكي القديس مقاريوس وقال: طوباك يا مكسيموس. أما القديس دوماديوس فكان يبكي بكاء مرا، وسال القديس مقاريوس ان يطلب عنه إلى السيد المسيح لكي يلحقه بأخيه. وبعد ثلاثة أيام مرض هو أيضًا، وعلم القديس مقاريوس فذهب إليه لزيارته. فيما هو في طرقه رأي جماعة القديسين الذين كانوا قد حملوا نفس أخيه، حاملين نفس القديس دوماديوس وصاعدين بها إلى السماء. فلما آتي إلى المغارة وجده قد تنيح، فوضعه مع أخيه الذي كانت نياحته في الرابع عشر من هذا الشهر. وأمر ان يدعي الدير علي اسمهما فدعي دير البراموس نسبة إليهما، وهكذا يدعي إلى اليوم. صلاتهما تكون معنا آمين.
نياحة القديس الأنبا يوساب الأبح أسقف جرجا (17 طوبة)
في مثل هذا اليوم من سنة 1826 م. تنيح الأب العالم الجليل الأنبا يوساب الأبح، أسقف جرجا وأخميم المعروف بالابح. وقد ولد ببلدة النخيلة من أبوين غنيين محبين للفقراء. ولما بلغ من العمر 25 عاما أراد والداه ان يزوجاه فلم يقبل، ولميله إلى الحياة الرهبانية قصد عزبة دير القديس أنطونيوس ببلدة بوش. وأقام هناك مدة ظهر فيها تواضعه وتقواه، الأمر الذي جعل رئيس الدير يوافق علي إرساله إلى الدير. ولما وصل استقبله الرهبان فرحين نظرا لما سمعوه عنه من الفضيلة التي تحلي بها، وعن كثرة بحثه وتأملاته في الأسفار المقدسة، وبعد قليل البسوه ثياب الرهبنة.
ولما وصل خبره إلى الآب البطريرك الأنبا يوحنا السابع بعد المائة، استدعاه وأبقاه لديه، وإذ تحقق ما كان يسمعه عنه من التقوى والعلم، دعا الآباء الأساقفة ة تشاور معهم علي إقامته أسقفا علي كرسي جرجا. أما هو فاعتذر عن قبول هذا المنصب لكثرة أعبائه، فرسموه رغما عنه. ولما وصل إلى مقر كرسيه، وجد شعبه وقد اختلط به الهراطقة، فسعي في لم شمله، وبني له كنيسة واجتهد في تعليمه، ورد الضالين، وهداية كثيرين من الهراطقة. ووضع عده مقالات عن تجسد السيد المسيح، وفسر كثيرا من المعضلات الدينية، والآيات الكتابية، وحث شعبه علي أبطال العادات المستهجنة، التي كانت تجري أثناء الصلاة في الكنيسة وخارجها.
كما افلح في إبطال المشاجرات والمخاصمات التي كانت تحدث من المعاندين للحق. وكان رحوما علي الفقراء، ولم يكن يأخذ بالوجوه، ولم يحاب في القضاء، ولم يقبل رشوة. أما ما كان يتبقى لديه فكان يرسله إلى الاخوة الرهبان بالأديرة، ولم يكن يملك شيئا إلا ما يكسو به جسده، وما يكفي لحاجته. ولم ينطق بغير الحق، ولم يخش باس حاكم، ورعي شعبه احسن رعاية. ولما أراد الله انتقاله من هذا العالم، مرض عدة ايام، فضي بعضها بكرسيه والبعض الأخر بقلاية الآب البطريرك الأنبا بطرس التاسع بعد المائة، ثم توجه إلى ديره بالبرية، ففرح به الرهبان وهناك انتهت حياته المباركة، واسلم روحه الطاهرة بيد الرب الذي احبه. وكانت مدة حياته إحدى وتسعين سنة. منها خمس وعشرون قبل الرهبنة، وإحدى وثلاثون بالدير وخمس وثلاثون بكرسي الأسقفية.
صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.
No comments:
Post a Comment